الى التي ربّما لن تمرّ من هنا

كنت كمعظم الناس،أعرف أن الموت ليس النهاية ،وأنه بداية الحقيقة.....

كنت أعرف ذلك جدا،

أيضا كنت كسائر المسلمين أعرف أن الموت بداية الحساب:

ان قدمت الخير فستنال الخير

وان قدمت شرا فستنال الشر

وكان أكثر ما في رأسي:

"ربي ارجعون"

لكنني اكتشفت أني كنت لا أعرف شيئا من كل ذلك!

لم أره مجسدا مثلما أراه الآن

كنت أعلم أنها اذا تركتني .. .."سمراء الحبيبة"....سأموت!

كنت أفزع أيضا جدا من هذه الفكرة....فقط أفزع بشدة

لكن شيئا ما في داخلي دائما يقول لي:

"انها لن ترحل....لن تتركك أبدا ...أبدا"

لهذا لم أفكر أبدا فيما وراء الفزع من ترك قمري لي....فيما وراء الموت!

وها أنا ذا كشأن كل طاغية......عميت وماطلت ولم أستمع لمن أحب ......بل الأدهى أني استمعت بمنطق المظلوم!

المهم أني أعدمت من فؤادك البريء

حبن كسرت حاجز احتمالك!

ليس هذا هو المهم

المهم الان أني أواجه ما بعد الموت.

أن نقول أن بعد الموت حساب ليس كأن نموت ونحاسب

الآن وقد رحلت يا حلمي...الآن أحاسب،

وأندم

أندم على كل وقت أخطئت فيه بدون أن أستبصر هذا اليوم

أندم على كل وقت أنذرتني فيه....وكذبت على نفسي وعليك حين طمأنتك كاذبا

أن كل شيء على ما يرام!

أندم على أني قهرتك مرارا.......

أندم على أني تركتك تنزفين كل ما هو جميل فيّ دما وألما...وأنا حسب أردد في هوس اني أحبك،

كأنها عبارة سحرية ستنسيك كل شيء

كنت تستغيثين بي فلا أسمع من كل ذلك الا رغبتي الحمقاء ....في تحقيق شيء فارغ من الحس

وهوس مفزع بفكرة.....ظننت بها أني أصلح .....فأفسدت!

أفزعتك بهوسي وجنوني وأحباطي وكل علامات ضعف ايماني!

لم أواجه يوما ما أي شيء الا بالبكاء والحزن الجنوني

والرثاء لنفسي

وحين قلتي بأني لست الذي أحبتته نظرت اليك نظرة طفل صغير يذبح

وقلت أحبك........كما قلت أني أحب الله الرحيم!

وكما كنت أظن أني على حق!!

والآن وقد عادت لي بصيرتي الفزعة

والتي أعلم علم المجرب...أنها ستعذبني ما حييت!

أرى

والآن أفهم

الآن أندم!

لست أندم على موتي فلقد استحققته بجدارة ليس لها مثيل

ولن أقول "ربي ارجعون"

لكنني أسأل الله أن يغسل بالألم اللانهائي قلبي

وأن لا يجمع لي بين عذابين وهو الرحيم

برغم صعوبة تلك التجربة

برغم استحالة حتى تخيلها

أن يموت كل ما يمت للدنيا فيك!

لست أرغب في أن أكون هكذ مع الله..الذي عرفته وأحببته

ثم طال بي الأمد

فلم يبق من الحب الا الكلام

ولم يبق من الطاعة الا التقليد!

الآن أدرك أن هذه تجربتي واختباري في الدنيا

ولكم سألت الله أن لا يعاقبني فيمن أحب ولكني لم أكن عندها أسأله سؤال من يحب بنوره!

ولولا خوفي ...خوف المبصر لما بعد الموت ولولا رحمة الله الرحيم

لكنت رحلت

ورغم كل شيء يا من تمرون من هنا......

أشهدكم اني أؤمن بالله ومعجزاته

أشهدكم أني بنوره وحده الآن أحبها

وأؤمن أن الله على كل شيء قدير

وأؤمن أن الله هو الذي يحي الموتى!

ربي أرني كيف تحي الموتى!